أنطوان أسوس في
" عناوين ضائعة " 37 .
حكمة مشبعة بحزن يقترب من العبث
الكتاب : عناوين ضائعة ( شعر )
الكاتب : أنطوان أسوس
الناشر : دار خريستين – أثينا
راجعه : جمال حيدر
في تراكم كثيف وبسيط تنمو قصائد هذه المجموعة الشعرية ضمن طقوس مشبعة بالالفة , منسجمة مع مناخاتها . وتتجلى في غالبية النصوص حالة التداخل بين الفعل اليومي وبين رؤيا شعرية تتصاعد في بساطة عناصر جمالها وشفافيتها المتدفقة , طارحة ذاتها عبر ومضات مكثفة في فضاء حسي مترامي الأطراف .
وعبر تجليات الروح بكل رغباتها وأحلامها يلتحم الخاص بالعام والجزء بالكل في لحظات سياق متدافعة ومقرونة في زمن , غالباً ما يكون مصدراً لحدث قائم , ارتقى به الشاعر الى مستوى نص تتدافع فيه الرؤى .
وتحتل فكرة التقاط الحدث اليومي مركزاً مهماً في نصوص المجموعة , بل تكاد تسيطر على أجوائها , متكئة عباراته على الحاضر المنجز , مستعينة بقدرة القصيدة على المغامرة في مدار الرؤية والحلم .
والوصول الى جزيرة العشق الانساني عبر هذه النصوص التي تفيض بطقوس الحب لا تخلو من الدخول الى سراب داهم , يجمع بين طياته أساطير غامضة ومهاو ٍِ عصيبة . ويمثل الحب العمود الفقري لمعظم قصائده , مخففاً من دهشة الأسئلة التي يحددها الزمن أحياناً .
صخب الشعر
ويتجلى العشق عند الشاعر كحالة تتميز بتنوع مفردات النصوص وحركتها الشعرية . عشق تتجاذبه تداعيات ولهفة وانفعالات نهمة , من الصعوبة أن تضع حداً لاشباعها وارتوائها.
"عناوين ضائعة" مجموعة تقودنا صوب صخب الشعر وشفافيته في آن , مجسدة تجارب الشاعر الحياتية في صيرورة العشق وحضوره الدائم في مساحات حائرة بين اليقين والشك. فالشاعر يضع أطواره الشعرية في محك التجربة اليومية المزدحمة بالأصدقاء والأعياد والفصول والانكسارات, مانحاً اياها لحظة زمنية تختزن تفاصيلها لوعة الحياة وحرقة المشاعر .
ومن ينابيع الشعر يغرف الشاعر تجليات مدينته حلب , واقفاً على أبوابها , مناجياً حلمها , ليعلن تمرده وليثري متاهاته :
" في زوايا الأمس والحلم البعيد
أراك تعودين اليَّ من جديد
لولية حسناء في عمر الخمائل
تمد لي يدها .... تناديني
وتمسح عن عيني الشتاء "
وتبقى نصوص المجموعة في فضاءات المناورة , اذ تستبطن أكثر مما تظهر وتكشف , موحية بزخم الالفة التي تظللها , محتفظة ببوصلة تسترشد بشكل النص وحدود تأويله وتدفقه .
يطغي على مناخ قصائد المجموعة حكمة مشبعة بحزن يقترب أحياناً من لحظة انهيارات عبثية مرتبطة بالشاعر وتجربته الذاتية , مما يجعل بعض قصائده تحمل ايقاعات جذابة , خفية , ذات طابع حزين , محتشدة بالصور الفجائية التي توشي بروح تأملية .
وقصيدة شاعرنا أنطوان أسوس الكامنة في المواقف الفطرية تجنح الى التقاط الصورة السلسة والمناسبة , مستندة الى البساطة والشفافية , بعيداً عن اغراءات البلاغة , معتمدة على الشاعرية الفطرية للحدث المبتكر.
" لقفص العصفور قرب النافذة
للفراش على الحصير اليابسة
لنفس جدتي العميق في سرد الحكاية
واراك يا وطني في صحو الحكاية
تجرحني ... تعذبني
وعلى الصليب ترفعني ..
أنطوان أسوس في " عناوين ضائعة " وآلامه , من دون أن يدّعي شعاراً أو خطاباً شعرياً خاصاً :
" لا تسأليني ....
عمّا أطالب في حياتي
فأنا ما زلت أبحثُ عن نفسي
بعد أن ضيَّعت ذاتي "
Δεν υπάρχουν σχόλια:
Δημοσίευση σχολίου